أنا لست رجل دين ولكن سؤال دائما يراودني لماذا يقدم الإنسان علي تفجير نفسه ؟ هل هو انتحار أم استشهاد أو لعله ضحية مجتمع يعاني من ظروف اقتصادية و سياسية و اجتماعية قاهره أم محاولة لتصحيح معصية وقع بها المفجر لنفسه ؟
حاولت منذ زمن طويل الكتابة بهذا الشأن ولكن كنت أتوقف عندما أجد نفسي غرقت في الفتاوى الدينية للمذاهب الإسلامية المختلفة من جهة و علم النفس من جهة أخرى، لذلك سوف أرجع للقرآن الكريم و السنة النبوية، لأن ما يؤخذ من الإنسان يرد عليه ما عدا الأنبياء و الرسل عليهم السلام، و أنا واثق بثقة عمياء أن الدين الإسلامي دين العدل و المساواة و دين رحمة و دين حياة .
من المعروف لنا جميعا أن القرآن الكريم نزل علي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم علي فترات و بأحداث متفرقة ومن الصعب ربط الأحداث السابقة بأمور حياتنا اليومية المعاصرة لاختلاف الوقت و الزمن ولكن هذا ما يمنع أن نأخذ منها الحكمة والموعظة،
سؤال لو كان الجهاد يتم بهذه الطريق التي نشاهدها اليوم من تفجير و هلاك للنفس لو كان هكذا يتم الجهاد لما استطعنا أن نفتح بلاد الهند و السند شرقا وبلاد الأندلس غربا وشمالا القسطنطينية لأنه بكل بساطه سوف يقضى على جيش المسلمين بقتل أنفسهم بدل ما يقتلون الكفار، و لكن الجهاد له شروط وواجبات و أحدى أهم هذه الشروط هي طاعة ولي الأمر الحاكم.
قال الله جل جلاله ﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ سورة النساء الآية 93 أي ومن يقدم علي قتل مؤمن ، متقصدا قتله ، عالما بإيمانه، فعقوبته عند الله، أن يخلد في نار الجحيم، مع حلول غضب الله عليه، وطرده من رحمته، والعذاب الشديد الذي ينتظره، للجرم العظيم الذي ارتكبه، و ظاهر الآية أن القاتل عمداً يخلدُ في نار الجحيم، و أنه لا توبة له، وهو مذهب ابن عباس، و الجمهور على ذلك خارجُ مخرج التغليظ، وأنه يخلد في جهنم إذا استحل قتله، ولم يتب، لأنه باستحلاله لقتله يصبح كافراً، والكافر مخلد في نار الجحيم، فجريمة القتل عظيمة و شنيعة،
و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لزوالُ الدنيا أهونُ عند الله من قتل رجل مسلم ) رواه الترمذي، و جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه : آيس من رحمة الله تعالى ) رواه ابن ماجه . ( التفسير الواضح الميسر صفحة 207 )
وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ سورة البقرة الآية 195
وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ سورة النساء الآية 29
وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أي لا يسفك بعضكم دم بعض، وعبر عن ذلك بقتل النفس، لأن المؤمنين كنفس واحدة، فالعدوان على أحد منهم، عدوان على النفس، ويدخل في الآية ( الانتحار) و الإلقاء بالنفس إلى التهلكة، وذلك من رحمته تعالى بالعباد.
( التفسير الواضح الميسر صفحة 184)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مُخلداً فيها أبداً، ومن تَحِّسَّى سُمَّاً فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. أخرجه الإمام البخاري في كتاب الطب باب: تُرب السم والدواء به وبما يخاف منه والخبيث . عن أبي هريرة رضي الله عنه ج 5 ص 2179 رقم 1299 و 5442 و أخرجه الإمام مسلم في الإيمان. باب : غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه رقم 109 .
يا اخوان الدين الإسلامي حضارة و حياة وليس دين دمار و سفك الدماء.
* كتاب التفسير الواضح الميسر للشيخ محمد علي الصابوني .