في البدء نحن نعيش في زمن الثورة التكنولوجية /
الحاسوبية أو بمعنى دقيق الثورة المعلوماتية. وهي تعتبر الثورة الثالثة في العالم
بعد الثورة الزراعية و الثورة الصناعية. و على ما يبدو أننا اندفعنا إلى
هذه الثورة دون وعي و معرفة بسلبياتها و ايجابياتها . بل أصبحنا نتسابق بتملك كل
ما هو جديد من أجهزة، و بسرعة ننقل المعلومة عبر الأجهزة المتطورة مثل أجهزة
الهواتف الذكية، دون التفكير بأن قد تكون هذه المعلومة تغضب، تحبط أو محطمة
لمعنويات الطرف الآخر المستقبل للمعلومة من الأصدقاء.
·
قصرت المسافات بيننا لدرجة
قوقعتنا !
وسائل الاتصال تنوعت و تقدمت بسرعة مذهلة و قربت القاصي
بالداني لدرجة تشعر معها أنك تقوقعت و لست محتاج لأحد ليصافح يمينك بحرارة أو
تلامس ارنوبة أنفك بأنفه !
مثلا، و كثيرا ما أراها تحدث؛ حيث تكون الرسالة
الالكترونية كفيلة بسد غيابك و تقبل عذرك عن حضور مناسبة ما !
·
هذا ما حدث عندما تحولت
الديوانية إلى ديوانية الكترونية !
قال: قررنا إنشاء مجموعة خاصة برواد الديوان ، و كون
الديوانية يوم في الأسبوع كثيرا ما يحدث انشغال أو حدث طارئ فنضطر إلى الاعتذار عن
حضور الديوانية .. نظرا لهذه الإشكالية قمت بإنشاء مجموعة رواد الديوانية و
أسميتها ديوانية بو فلان لكن ما حدث بعد هذا كان كفيل بإعادة النظر و إغلاق
المجموعة الالكترونية و البقاء على الديوانية الحقيقية .
عين بغزي: ليش؟ شنو صار وياك و بالتفصيل الممل.
قال : الديوانية يوم بالأسبوع مثل منت عارف لكن عندما
أنشأت المجموعة في برنامج الواتساب صارت الديوانية متوفرة 24 ساعة و في أي مكان
تستطيع المشاركة و إرسال الرسائل للمجموعة .
عين بغزي: طيب، هذا شيء جيد أو .. ؟
قال : في البداية نعم كانت شيء جيد، لكن أصبحت النقاشات
حادة و تمتد من يومين إلى ثلاثة أيام دون التوصل إلى نقطة تفاهم بين رواد
الديوانية ! .. حسنا، أبسطها لك ؛ مثلا
عندما نلتقي بالديوانية " الواقعية " كانت نقاشاتنا تكون سلسة و فيها
جانب من الأخذ و الرد لكن عندما تحولت إلى الكترونية " افتراضية " أصبحت
العكس تماما.. وقد اكتشفنا أن السبب الأول كون الديوانية الالكترونية متوفرة 24
ساعة و كون رواد الديوانية " بشر " مشغولين و يتعرضون لضغوط مختلفة كان
البعض منهم يكون مزاجه حاد في تلك اللحظة فيدخل للمجموعة و يرد على احدهم بأسلوب
حاد ! بينما في الديوانية الواقعية كان أكثر الرواد يحضرون للديوانية بعد انتهاء
أشغالهم و التزاماتهم و فوق هذا كله فهم كانوا يحضرون و هم أصلا مهيئين للنقاش و
تحمل بعض الآراء في هذه السويعات القليلة. ناهيك عن ذكر بعض محتويات الرسائل من
إشاعات وغيره! و لتجنب خسارة البعض قررت إغلاق مجموعة الديوانية الالكترونية .
عين بغزي: اها .. يوم تقول: يا زين الربع بالواقع .. و
يا شينهم بالافتراضي . كنت تقصد هذي الحادثة ؟
قال: أي نعم، عليك نور.
- 16 رمضان 1434 هـ
- 25 يوليو 2013